ظاهرة الغياب ... هل اختفت بعد تطبيق التعليم عن بعد
10/04/1442

​الإعلام والاتصال _ تحقيق _ فواز الجليفي :

ظاهرة الغياب عن المدرسة قديمة قدم التعليم، ومع مرور الزمن اختلفت الأسباب والمسببات، التي تدفع طالب العلم للغياب عن المدرسة
ومع انتشار مرض كورونا المستجد الذي اجتاح العالم بأسره، وساهم في اجبار الناس على تغيير طرق تواصلهم ليتعايشوا مع هذا الأمر؛ ظهر لنا نظام الدراسة عن بعد...
وزارة التعليم قفزت قفزات كبيرة في نظام الدراسة عن بعد، وذلك من خلال منصة مدرستي التي خصصتها لطلاب التعليم العام في المملكة، وهي بهذا الإجراء تساهم بدعم الجهود الحكومية للحد من انتشار المرض.

وفي هذا التحقيق الصحفي، سيشاركنا نخبة من المهتمين بالعمل التربوي (قادة، مرشدون، معلمون، وأولياء أمور)؛ لنسلط الضوء على ظاهر الغياب بعد تطبيق نظام الدراسة عن بعد، ونتعرف سويا على:
أسباب الغياب، وهل اختلفت عن السابق؟
ماهي الإجراءات التي اتخذت لحل هذه المشكلات؟
ما الحلول المقترحة لعلاج هذه الظاهرة في ثوبها الجديد؟
فلنقرأ معا آراء من شاركنا الرأي، مثمنين لهم الوقت الذي بذلوه للحديث عن ظاهرة الغياب بعد تطبيق الدراسة عن بعد...

ظهور المشكلات التقنية و ضعف الاتصالات؛ أدى لانحسار أعذار المواصلات والظروف الجوية!
في البداية وجهنا سؤالا عن الأسباب التي أدت لغياب الطلاب عن المدرسة؟
حدثنا أولا قائد متوسطة الإمام/محمد بن عبدالوهاب، محمد السهلي، قائلا: الشكر أولا لحكومتنا الرشيدة في حسن رعايتها للوطن والمواطن، وهذا ليس بغريب عليهم. أما أبرز الأسباب في رأيي فهو عدم وجود أجهزة لدى الطلاب الذين تكرر غيابهم، ويأتي بعد هذا السبب ضعف النت أو انعدام وجوده في بعض الأماكن...

من جانبه ، اتفق قائد ابتدائية أبو عبيدة، فهد الهليل، مع السبب الأول الذي ذكره الأستاذ/ السهلي ... مبينا أن الظروف الاقتصادية لبعض الأسر ساهمت في هذا الجانب. 
صورة2ه.jpg
شض.jpg
وذكر أ/ الهليل أن المشاكل التقنية التي تواجه الطالب أثناء عمله على المنصة ، ساهمت في غياب بعض الطلاب عن المنصة.
أما قائدة المتوسطة السادسة بالدلم، فقد ذكرت مشكورة أن السبب الأول لغياب الطالبات يتمثل في مشاكل الإنترنت...
 وأضافت إن من المسببات لهذا الغياب: قلة وعي وضعف ثقافة من قبل ( بعض ) أولياء الأمور، ويأتي بعد السببين السابقين قضية ضعف الدافعية لدى الطالبة المتغيبة.
كان هذا هو رأي القادة... فماذا قال الآخرون...؟

الإرشاد الطلابي يربط أسباب الغياب بضعف متابعة بعض الأسر...
صورة1.jpg
بعد أن التقينا بقادة المدارس، فإننا نتطلع لرأي المرشدين الطلابيين، حول ظاهرة غياب الطلاب عن منصة مدرستي...
فماذا قالوا عن أسباب هذه الظاهرة؟
المرشد الطلابي في ابتدائية أبو عبيدة، سعود الخويطر، قال: أتفق مع ما ذكره قادة المدارس بشأن مشاكل الانترنت، لكني أرى أن هناك أسبابا تتقدم على الأسباب التي ذكرت، ومنها: ضعف متابعة الأسرة للأبناء، وهو ـ في رأيي ـ عامل و مسبب رئيس للغياب، ويأتي بعده افتقاد الطالب للمعرفة التامة بآلية الدخول للمنصة.

المعلمون: نحرص على رصد غياب طلابنا، ونبلغ إدارة المدرسة عن ذلك أولا بأول...

أما المرشدة الطلابية بالثانوية الرابعة بالدلم، فلم تبتعد عن الأسباب التي ذكرت سابقا، لكنها أضافت: أن هناك أسبابا (خاصة) تعود لظروف الطالبة نفسها.
وفي هذا الجانب شاركنا المرشد الطلابي في ثانوية الإمام/ فيصل بن تركي، ناصر الدريهم، متحدثا عن الظاهرة بقوله: ضعف النت ، وسهر الطلاب مع ضعف متابعة أولياء الأمور؛ هي الأسباب الظاهرة لدي لتغيب أبناءنا الطلاب عن الحضور لدروس المنصة.
من جانبه، قال المرشد الطلابي بمتوسـطة الإمــام/ محـمـد بـن عبــدالـوهــاب، مـحمــد المحاول:
إن أبرز ما رصدناه من أسباب تدفع الطلاب للغياب عن منصة مدرستي، هو ضعف تغطية شبكة الانترنت، وعدم شموليتها لبعض الأحياء السكنية، كما إن عدم توفر الأجهزة بشكل كافي للأبناء في المنزل من الأسباب التي وقفنا عليها، وذلك بسبب ضعف الحالة المادية لبعض الأسر. فإن اجتمعت الأسباب السابقة مع ضعف اهتمام الأهل ستكون النتيجة غياب الطالب. 
ولكي نعطي الموضوع حقه من النقاش في هذا التحقيق، كان لابد من استطلاع آراء شرائح أخرى، لها اتصال بالطالب، وبمحور النقاش؛ لكي يكون حكمنا قريبا للواقع...

أم فهد: نعاني من نوم الأبناء، والأجهزة والاتصالات مشكلتنا الأولى...

توجهنا أولا بنفس السؤال لوكيل المدرسة، ناصر القحطاني، فأكد لنا أن من تواصل معهم من الطلاب لمناقشة أسباب غيابهم تمحور في جانبين ذكرا سابقا هما (ضعف النت، وعدم توفر الأجهزة)
في حين قالت  ساره محمد، وهي معلمة رياضيات: بالنسبة لي كمعلمة لا يمكنني الحكم على غياب الطالبة في يوم كامل، لأن هذه من مسئوليات أطراف أخرى.. لكن لو نظرنا للغياب في حصص مادتي ومحادثاتي لطالباتي حول أسباب تخلفهن عن الحصص، فإنني أستطيع أن أقول إن إجاباتهن لا تتجاوز عبارتين (خلل في المنصة، أو ضعف شبكة الاتصال).
شارك معنا أيضا في هذا النقاش معلم الدراسات الاجتماعية، سالم القريني، فقال: الدراسة عن بعد تعد سبيل لبناء الثقة لدى الطالب’ وتعزيز ثقته في نفسه... أما عن محور نقاشكم وهو أسباب الغياب، فلم ألحظ عليه مزيد تغير عن الدراسة الحضورية، فهو يدور حول المعدل نفسه، لكن أول ثلاثة أسابيع دراسية كانت ظاهرة غياب الطلاب واضحة جدا، وفي وجهة نظري أن السبب يعود لعدم معرفة الطلاب بنظام المنصة و عدم إلمامه بمتطلبات عملها...
أما أم فهد ، وهي ولية أمر لثلاثة طلاب، اثنين منهم في مرحلة واحدة، فتحدثت قائلة: البيوت أسرار ، فهناك المحتاج والمتعفف، وهناك المقتدر. وبالنسبة لي كان أبنائي الذين يدرسون في مرحلة واحدة يتناوبون على جهاز واحد، وهذا سبب غيابهم عن المدرسة، لكن المدرسة علمت بالسبب وصرفت لكل واحد جهاز، لكن بقينا في عدم توفر النت أحيانا، ونوم الأبناء أثناء عرض دروس المنصة يسبب لنا مشكلة أخرى.

استثمار معامل ومراكز مصادر التعلم في المدارس سيكون حلاً مناسباً للمشكلة
         ش.jpg س.jpg
وحيث ذكر المشاركون الأسباب السابقة، لتغيب الطلاب عن دروس منصة مدرستي؛ فإن ذلك يؤكد لنا أن أسباب الغياب اختلفت، فحلت مشاكل الانترنت، والتقنية، محل عدم توفر المواصلات أو الظروف الجوية، وغيرها من الأسباب الأخرى...

كما بين المشاركون أن نسبة كبيرة من الطلاب كان يعرف عنهم التغيب عن المدرسة، قبل تطبيق الدراسة عن بعد، لكن مع تطبيق هذا النظام قل غياب الكثير منهم. وهذا ما ذكرته قائدة المتوسطة السادسة أن الطالبة التي تكرر غيابها بعد تطبيق الدراسة عن بعد كان بأسباب أسرية وصحية. كذلك بين  الهليل (قائد)، أن بعض من غابوا عن المنصة عرف عنهم الغياب قبلها ولكنهم عدد محدود، مبينا أن ذلك سهل العلاج.، لكن بقيت مشكلة غياب الطلاب عن بعض الحصص ، وهذه يرجع سببها في الغالب للأسباب التقنية.

 كذلك من مشاركة قادة المدارس والمرشدين الطلابيين، ظهر لنا: انخفاض نسبة غياب الطلاب ( يوم كامل ) عن المنصة مقارنة بنسبة الغياب عندما كانت الدراسة حضورية، وهذا ما أكده كل من ناصر القحطاني (وكيل) و سعود الخويطر (مرشد) .

أما عن أثر الغياب على تحصيل الطالب؛ فقد أجمع المشاركون أن لغياب الطالب أثر سلبي على مستوى تحصيله الدراسي. لكن  السهلي استدرك أن التأثير في المنصة قد يكون محدود؛ لأن الوزارة هيأت قناة عين كبديل للمنصة في حال تعذر الدخول لها، كما أكد الخويطر أن قياس ذلك بدقة لن يتبين إلا بعد ظهور نتائج الطلاب الفترية.
ونحن نقترب من نهاية هذا التحقيق الصحفي ، لابد أن نذكر الحلول المقترحة التي ساقها مشكورا من شاركنا في هذا الطرح...
فقد بينت قائدة المتوسطة السادسة أن مدرستها ساهمت في توفير قنوات تواصل مباشرة بين المدرسة وأولياء الأمور، كما وفرت للمحتاجات أجهزة ، وشرائح انترنت...
أم المرشدة الطلابية في الثانوية الرابعة، فقد قالت: أن حصر المشاكل أولا بأول، وعلاجها في وقتها من أنجح الحلول.
بينما تقدم  الخويطر، بمقترح توفير حوافز للطلاب المنتظمين في الدخول للمنصة، وإعلان هذه الحوافز للجميع. مشيرا إلى أهمية رفع وعي الطلاب، وأولياء أمورهم حول أثر الغياب على الطالب.
أما  المحاول، فأكد على أهمية دور المنزل ـ هذه الفترة ـ للتقليل من نسبة الغياب، مع أهمية تهيئة مكان مخصص في المنزل يتلقى الطالب فيه تعليمه.
بينما قدمت  ساره... مقترحا بالاستفادة من معامل الحاسب الآلي ومراكز مصادر التعلم في المدارس ، لحل مشكلة من لا تتوفر لديه أجهزة، أو يعانون من ضعف النت.
في حين أكدت أم فهد، على أهمية قيام شركات الاتصالات بدعم جهود الوزارة في هذا الجانب، وضرورة تأمين أجهزة وشرائح مجانية للمحتاجين، فهذا هو وقت العطاء. وهذا الرأي ذكره الأستاذ/ سالم القريني، مبينا أن المؤسسات الأهلية، والشركات قد استفادت كثيرا من الدعم الحكومي، وننتظر منها أن تبذل وتعطي في مقابل ذلك، لرد الجميل.
بينما ذهب قادة المدارس إلى أن من أيسر الحلول أن تفتح المدرسة أبوابها وتتيح مقدراتها لمن يحتاجها أو من يعاني من مشاكل تقنية أو اتصالية

شركات الاتصالات، والمؤسسات الأهلية الأخرى، مطالبة بمساندة وزارة التعليم في جهودها لتطوير منصة مدرستي

وبعد هذا الطرح من المشاركين في هذا التحقيق، نكون قد قدمنا شيء من الإضاءات حول هذه الظاهرة الهامة:  أسبابها، وحلولها، و مقارنة حجم الغياب ونسبته بين التعليم الحضوري  والتعلم عن بعد.
مثمنين لكل المشاركين ـ غاليا ـ جهودهم ، ووقتهم الذي بذلوه معنا في هذا التحقيق...
سائلين الله تعالي أن يرفع عن الأمة هذا البلاء وكل بلاء، و أن يكلل جهود وزارة التعليم بالنجاح والتوفيق...
و الحمد لله رب العامين،،،